يحتوي على مضادات الأكسدة والدراسات تشير إلى فوائده الطبية للقلب والدماغ
الباحثون من جامعة متشغان أعلنوا الأسبوع المنصرم أن ثمار الكرز غنية بمركبات كيميائية تعمل على خفض نسبة السكر في الدم، وفي الشهر الماضي كان شعار مهرجان الكرز الأميركي هو الفوائد الصحية لتناول الكرز وبالتزامن معه أعلنت رابطة التغذية الأميركية أن الكرز يسهم في المحافظة على الصحة. وهو لا يحتوي فقط على الألياف بل أيضاً فيتامين سي، وهو جزء مهم من الغذاء الصحي لأنه يحتوي على مواد أخرى تحسن صحة القلب وتقلل من نشوء السرطان وربما تخفف من الآم المفاصل، وتتوفر فيه مادة الميلاتونين التي تساعد على سهولة النوم.
عشر حبات من ثمار الكرز أي حوالي 50 غراما تحتوي على حوالي 50 كالورى (سعر) أي كما في نصف تفاحة، و10 غرامات سكريات وغرام واحد من البروتينات وحوالي 1,5 غرام ألياف أكثرها ألياف ذائبة، وكمية متوسطة من فيتاميني «سي» و«إيه»، ونصف مليغرام من الحديد و10 مليغرامات كالسيوم.
تدور دراسات الكرز الطبية اليوم حول عدة جوانب من مركباته الكيميائية وفوائدها الطبية، ولعل أهمها مضادات الأكسدة وتأثيرها على السرطان وأمراض شرايين القلب والدماغ، والمركبات المؤثرة على نسبة سكر الدم والأخرى المؤثرة على آلية نشوء الآم المفاصل وعلى ظهور مرض النقرس وخاصة نسبة حمض اليوريك (يورك أسيد) ومادة الميلاتونين المسهلة للدخول في النوم، وهناك برنامج أبحاث يتم في جامعة متشغان يشمل الأمور هذه، والحقيقة التي يلمحها المتأمل أن الدراسات حول الكرز التي تتم اليوم هي من أقوى وأدق الأبحاث الطبية وأكثرها اتباعا للمنهج العلمي في الدراسة الطبية.
مضادات الأكسدة
أشار الباحثون من جامعة متشغان الى أن مركبات «أنثوسياننس» المتوفرة في ثمار الكرز هي مواد طبيعية تخفض نسبة سكر الدم عبر زيادة إفراز الأنسولين من البنكرياس بنسبة قد تصل إلى 50% ، ضمن البحث المنشور في أوائل هذا العام في مجلة «تقنية الغذاء والزراعة» التابعة لمجمع الكيمياء الأميركي. لكن الجديد الذي أعلن هذا الشهر هو أن هذه المركبات التي هي صابغات تعمل كمضادات للأكسدة ضمن مجموعة «الفلافونويدس» ربما لها فوائد أكبر من هذا لدى مرضى السكري لتشمل العمل على تخفيف حدة عمليات الالتهابات في الجسم وفي المفاصل تحديداً، ولها أثر إيجابي في محاربة أنواع من السرطان، إضافة إلى أهم آثارها وهو فائدة شرايين القلب والدماغ. والدراسة تستكمل اليوم على الإنسان ما أثبتته في تجارب حيوانات المختبرات كما يذكر الدكتور «ميورالي نيار».
كثيرة هي الدراسات التي أكدت فائدة تناول ثمار الفاكهة والخضار الغنية بمركبات «الفلافونويدس» كما في الكرز والتي تعمل على منع ترسيخ ترسب الكوليسترول في جدران الشرايين، وهو ما أشارت إليه دراسة هارفارد عام 1996 والتي لا تزال رابطة القلب الأميركية تنصح بها حتى اليوم. ولعل من أطرف الدراسات تلك التي تمت عام 1997 وشملت مزارعي الكرز وعوائلهم في ولاية متشغان الأميركية ممن يتناولونه بكثرة كفاكهة طازجة أو في الحلويات، إذْ وجد أن نسبة أمراض القلب بينهم متدنية، والذي تؤكده التحاليل أن الكرز من أعلى الفاكهة قيمة بمقياس «أوراك» العالمي لتحديد مقدار نسبة وجود مضادات الأكسدة في منتج غذائي ما.
الدكتور «بويكسن أوو» يؤكد هذا ويضيف أن أبحاثه وجدت لأول مرة مادة تسمى اختصارا «أس أو دي» تعمل على التخلص من الجذور الحرة ومتوفرة بنسبة عالية في الكرز. والجذور الحرة هي إحدى أشد المواد ضرراً على الجسم خاصة في نشوء السرطان وترسيخ ترسب الكوليسترول في الشرايين. ولذا فإن الدراسة الخاصة بتأثير الكرز في منع حصول أمراض القلب في جامعة متشغان لا تزال مستمرة بإشراف الدكتورة «كيت كليكومبي» من قسم علوم الغذاء وتغذية الإنسان وتشمل على وجه الخصوص بحث التأثير على نسبة البروتين التفاعلي «سي».
المفاصل
وتشير أبحاث جامعة متشغان الكثيرة حول الكرز أن قدرة المركبات المضادة للالتهابات فيه توازي أو تفوق قوة الأسبرين، ولذا فإن الكثير من الباحثين يعتقد ان فوائد قوية لثمار الكرز في تخفيف الآم المفاصل، ولعل أفضل ما يصفون هو تخفيفه من أعراض داء النقرس بناء على عدة دراسات أقدمها تم عام 1950في ولاية تكساس، وأفضلها ما تم نشره عام 1999في مجلة المنتجات الطبيعية الأميركية، حيث وجد الباحثون كما يقول البروفيسور «ميرالهاران ناير» من جامعة متشغان: تناول 20 حبة من ثمار الكرز يؤمن كمية بمعدل 25 مليغراما من مادة «أنثوسياننس» التي تسهم في تثبيط عمل الأنزيمات المثيرة لعملية التهابات الأنسجة، والموازية في تأثيرها لحبوب الأسبرين وغيرها من مخففات الألم إضافة إلى دورها في بناء الكولاجين والألياف في الجسم وتحديداً في الغضاريف وأربطة المفاصل، بحسب ما يذكر الدارسون.
ومن جامعة مركز علوم الصحة بسان أنطونيو في تكساس وجد البروفيسور «راسل ريتر» أستاذ علم الغدد العصبي أن الكرز غني بمادة الميلاتونين في هيئة يستطيع الجسم امتصاصها وبكمية كافية يستفيد منها لتسريع الدخول في النوم، وهي نفس المادة التي ينتجها الجسم مع انخفاض ضوء الشمس وابتداء دخول الليل كي تبرمج الساعة البيولوجية في الدماغ مراحل النوم، بل يذكر أن كمية الميلاتونين في كل غرام من مربى الكرز تفوق ما هو موجود في نفس الكمية من الدم!
الكرز الذي ينتج العالم منه ما يزيد اليوم على ثلاثة ملايين طن سنوياً والذي اسمه مشتق من الكلمة اللاتينية «كرازيوم» أو كما ذكر حديثاً نسبة إلى بلدة في تركيا، من أقدم الفاكهة التي أقبل عليها الإنسان في العصور القديمة جداً حسب دراسات علماء الآثار ومن أكثرها فوائد صحية ويحتاج إلى مزيد من الدراسات الطبية للتأكد بشكل أدق من الفوائد الطبية الكثيرة المنسوبة إلى تناوله وفي أي الحالات ينصح بها ضمن توجيهات الطب المكمل والاختياري المبنية على أساس علمي سليم.